المدنية أو الطوفان!

347

بثينة تروس

تجلت عظمة وتفرد هذا الشعب في الهتافات المترعة بالوعي ومنهج  السلمية، وفيض أشواق المدنية، هدرت مليونية الشوارع (وي وي مدنية)! وبالرغم من قسوة الظروف الاقتصادية والضنك في معاش الناس،  لكن لم ينزلق المتظاهرين حنقاً من اجل الخبز والوقود والكهرباء مع إن جميعها مطالب حق، وتعالت المطالب بتصحيح مسار الثورة، واستكمال مطالبها، في الحرية والعدالة والسلام والقصاص للشهداء!

وتجديد العهد بالحكومة الإنتقالية!  فتوهط الامل  في النفوس ببزوغ فجر دولة المواطنة والديموقراطية، وخاب ظن الاخوان المسلمين والمتطرفين في انحراف التظاهرات لفوضي ودماء..

الحق يقال إن مطالب الشعب وتجديد العهد بدعم حكومة السيد رئيس الوزراء د. حمدوك أثلج الصدور، وفي ذات الوقت قد أحرج بدوره مكونات قوى الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية، ووضعها في محك التساؤل هل هي تعي حقيقة زخم السند الشعبي الذي يحيط بها!!

وهل تعلم انها لو توكلت عليه جل توكلها لما بدت عليها بوادر ضعف، أو احتاج هذا الشعب لثورة تصحيحه من أساسه! وأنه كان بإمكانها أن توظف طاقات أبنائه وتلك المليونيات في عملية البناء وتذليل الصعاب التي تجابهها.

والشاهد أن الترتيبات الأمنية التي سبقت تلك التظاهرات من اعتقال لسدنة النظام السابق وإحباط  مخططاتهم، هو عمل ممتاز يصب في خانة محاربة التمكين، وخلايا الأجهزة الأمنية الموالية، وإيقاف عبث العابثين بالأسواق من المسيطرين على اقتصاد وأموال هذا البلد!

لكن للأسف تم تساهل وعدم جدية كافية في ردع محاولات زعزعة استقرار الانتقالية.

وساهم في ذلك احكام  العقوبات في حق من باعوا سيادة هذا الوطن وأهدروا أمن وكرامة إنسانه  إذ أتي الجزاء بأقل من حجم ذاك الجرم! بالصورة التي شجعت الإخوان المسلمين وجماعات الهوس الديني أن يصوبوا سهامهم الصدئه علي صدر مكتسبات الثورة!

كما أوعزت لهم رفاهية إخوتهم في السجون أنه ذاك  العهد…  (البشير جلدنا وما بنجر  فيه الشوك)!

لذلك لم يتستروا في عدائهم لهذا الوطن، تجمعوا كعهدهم بجاهزية الخيانة، والاعداد التنظيمي المبكر، وامتلات الأسافير باللغو المجاني، من شاكلة أربيب المتأسلمين  (أنس عمر) ومعتمد محلية الخرطوم سابقاً ورجل أمن الإسلاميين، اذ خطب متوعداً  يحدث الناس باوهام الحكومة الدينية ودراما الجهاد الإسلامي، والمتاجرة باسم الدين للفتنة بين مكونات هذا الوطن، معتقداً أن الفروسية التي أطلقها عليه كاتب أنظمة الفساد ( الهندي عز الدين) في مقال قبل سنوات  بعنوان  (أنس عمر ذلك  الفارس)!

فأصابه وباء “الدونكيشوتية” فصال وجال يحارب طواحين الهواء في وسائل التواصل الاجتماعي:

(..سنعود محمولين على أكتاف المجاهدين إخوان الشهداء والجرحى الذين إحتوتهم الخنادق وتمزقت أجسادهم على ربى التلال والجبال والنجاد والوهاد. سنعود على أكتاف شعبنا. أعزاء بتوفيق الله ونصره, إننا ندعو إخواننا جميعا كلوطني وسوداني غيور كل إسلامي بمختلف التيارات والجماعات للثورة والهبة وإخلاص النية لتخليص الأمة والبلد منحفنة من اليساريين والعلمانيين .. سيوردوا هذه الوطن موارد الهلاك وساعتها لا عذر لنا أمام الله والناس)..انتهى.

وبعد مواكب 30 يونيو أفاق  انس  عمر وصحبه  علي اليقين، فقد اقتلعوا من قلوب هذا الشعب كما اقتلعوا من كراسي السلطة بلارجعة.. وان شباب وكنداكات لجان المقاومة، واسر الشهداء اقرب رحماً وعهداً  بحكومة الثورة  يتواصون  فيما بينهم  ( عزيزي الثائر هل تعلم  ان الكوز كائن متحول).

30 يونيو رفعت سقف التحدي بالنسبة للحاضنة السياسية  ( قحت) والحكومة الانتقالية بشقها العسكري الذي بات يعلم ان الدعم  الشعبي غير المشروط لا يخفي سراً في دعمه للمكون المدني المتمثل في رمزية السيد رئيس الوزراء  حمدوك، الذي يحظي باحترام محلي وعالمي ويمثل امل لمدنية مرجوه.

ولم يتبق غير الجد في تنفيذ المطالب بان يتم تقييم اداء الوزارات، وتصحيح النظام العدلي والقضائي باحداث انتفاضة حقيقة من داخله .  وازالة ولاة التمكين وتشكيل المجلس التشريعي لتضييق مجاري الفساد.

وبالطبع لستة التحديات والعقبات التي تواجه حكومة الفترة الانتقالية طويل ومعقدة! لكن من دواعي الحظ العظيم للحكومة  الانتقالية.

التعليقات مغلقة.