بيّاع الصبر لاقاك؟!

99

عصمت عبدالله
تخيلوا – أعزائي – الصبر صار شيئاً مادياً ومحسوساً، يمكن لكلِّ شخصٍ حمله واغتناؤه، ومبادلته مع غيره من الأشخاص كمصلحة ينتفع بها، فلكم أيضاً أن تتخيلوه – أي الصبر – سلعة تباع وتُشترى في الأسواق وعلى رؤوس الأشهاد..فكم ستسعون لشرائه منها؟! وكم ستحرصون على شرائه حتى لو ارتفع ثمنه، وندُر وجوده، وصعُب مناله!!
بالتأكيد سيكون السلعة الأكثر ربحاً والطريقة الأسهل للثراء السريع، خصوصاً إن كان التاجر يبيعه في دولة كالسودان، معظم شعبه صار في حالة يرثى لها؛ بسبب الوضع المعلوم للجميع، إلا قلة، هي أيضاً معلومة للجميع..
والصبر سيكون سلعة مطلوبة على مدار اليوم، وفي أي مكان، وسيتزاحم الناس لشرائها ويقفون صفوفاً في المحلات ذات السعر المعقول.. وستضاهي صفوفه صفوف الخبز والوقود والغاز والصيدليات، أو عليهم بالذهاب إلى الأماكن ذات السعر المرتفع، وسيتحول معظم التجار من تجارتهم التي شبوا ونشأوا عليها وورثوها عن آبائهم إلى تجارة الصبر.. فتجار البلح في موسمه سيدّعون قلة الإقبال عليه؛ لذا سيتحولون إلى التجارة في الصبر… ومحلات (تمر التيمان) ستصير محلات (التيمان لبيع الصبر.. جملة وقطاعي).. وكذلك تجار سوق ليبيا سيتحولون إلى تجارة الصبر.. وسيكون سوق ليبيا مقصد جميع السودانيين.. كما كان في السابق.. فسيتم تخصيص مربعين أو ثلاثة لبيع الصبر.. وستوزع بقية المربعات لبيع غيره من السلع.. من يزمع في شراء شنطة الزواج فسيسهل أمره بشراء ستة × ستة + ريحة كاملة + صبر.. كيف لا وهو سيصير شرطاً أساسياً في إتمام الزواج.. عمارة البرير في سوق أمدرمان ستضيف إلى سلعها سلعة الصبر جملة وقطاعي.. سوق سعد قشرة يوجد به صبر مستورد.. ولكنه باهظ الثمن.. ورغم ذلك سيدفع المواطن المسكين المغلوب على أمره (دم قلبه) لشراء صبر من سعد قشر مستورد أصلي.. واحة الخرطوم بها دكاكين لبيع الصبر.. ولكنه الأغلى ثمناً.. والأسواق المركزية (الخرطوم – بحري) ستصبح مخصصة لبيع الصبر.. لتزاحم الناس وكثرتهم في بقية الأسواق.. حتى أسواق (أم دفسو – وخمس دقائق – وسوق ستة وصابرين) فبها صبر بلدي يباع بالرطل.. وبها محلات لبيع الصبر (قدر ظروفك) بـ(الملعقة)..
أولاد البرير.. سيبدلون مصانعهم ويتركون صناعة الحلويات والعصائر وتجفيف الألبان وصناعة مشتقاتها.. والمشروبات الغازية وسيخصصونها لصناعة الصبر.. سائل ومجفف.. وجامد.. تجار المحاصيل والمواشي سيتجهون للسمسرة في الصبر لكثرة أرباحه..
سيباع الصبر في المحلات التجارية كافة.. وستتحول محلات بيع (التمباك) لـ(الجمهورية للصبر الأصلي) (لو مازهجان شديد ما تخاطر.. هنا صبر عالي الجودة) (ودالجزيرة للصبر) و.. حتى الكافتريات.. والبقالات.. فإلى جانب لافتة قائمة السلع ( يوجد بالمحل صبر بلدي ومستورد).. والباعة المتجولون وأصحاب الدرداقات يحملون عبوات مختلفة من الصبر.. والبلدية تطاردهم.. والحكومة تصرح بأنها ستفتح لهم أسواقاً لبيع الصبر.. وعناوين الصحف اليومية: (الشرطة تضبط 100 طن صبر منتهي الصلاحية.. قوات الحدود تضبط عصابة متخصصة في تهريب الصبر.. السجن المؤبد لمفجِّر دكان صبر بسوق ليبيا.. حمدوك يوجه بفتح الباب أمام الأجانب للاستثمار في الصبر.. الصبر ثم الذهب أكثر السلع دراً لعائد الدولة).. المحليات تحارب افتراش الصبر على الأرض في الطرقات.. خوفاً من تعرضه للذباب والحشرات وكي لا يتلف بسبب روائح المجاري والمخلفات والقاذورات..
احرص على شراء حاجتك من الصبر لدينا صبر عالي الجودة وبأسعار في متناول الجميع ..
إعلان في المواقع والصحف الإلكترونية والورقية بعطاءات لاستيراد كميات من الصبر.. وأيضًا توجد دلالة ومزاد لبيع الصبر المستورد والمحلي..

“يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة، إن الله مع الصابرين”

التعليقات مغلقة.