ليس دفاعاً عن حمدوك.. ولكن !

122
محمد وداعة
بعد انفضاض ورشة أديس، قال الفريق كباشي معلقاً على اتفاق حمدوك – الحلو “لا أحد ينكر عليه هذا الأمر لكننا في عهد يجب أن تسود فيه المؤسساتية وليست قرار الأشخاص أو ليست الثورة نفسها هي من قالت لحكم الفرد لا؟ والأزمة لا تبدو في صراع شخصي معه، المسألة تظهر في غياب التفويض ما فعله رئيس الوزراء وتوقيعه لاتفاق مع الحلو ينطبق عليه التوصيف بأنه (عطاء من لا يملك لمن لا يستحق”، وقال كباشي إن الحكومة يمثلها المجلس الأعلى للسلام “ويضم مجلس السيادة كلو وفيهو رئيس مجلس الوزراء وستة وزراء وفيهو تسعة من الحرية والتغيير وهو من يرسم الخطط الخاصة بالسلام ويقوم بترجمتها وتنفيذها على أرض الواقع، ما تم في أديس أبابا غير مقبول ونحنا مشينا جوبا لحماية قرار المؤسسات وهو ما قرار شمس الدين، هو قرار دولة وسياسة مؤسسات وخروج شخص عن هذا الإجماع يمثل نفسه ولا يمثل المؤسسات”، ووصف الكباشي رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالخارج على مؤسسات الدولة عبر خطوته بعقد اتفاق أديس أبابا مع الحلو، ويبرر رغبة الحلو في التفاوض مع مجلس الوزراء بأنها منطقية طالما أن الأخير على استعداد للقبول بكل شيء، وأبدى الكباشي أسفه على أن محاولة إقرار العلمانية في الورشة خرجت من طاولة الوفد الحكومي، وتساءل إن كان حمدوك والحلو بمقدورهما حسم مسألة علمانية الدولة في ليلة واحدة فلماذا نقضي الليالي الطويلة في التفاوض، وقال كباشي إن ما جرى في أديس ومحاولات تكراره في جوبا هو فقط عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
وقال إن سبب قيام الورشة في الأساس وهو أمر تعلق بقرار المجلس الأعلى للسلام الذي أعلن رفضه للاتفاق المشترك الذي وقعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو في أديس أبابا، وقتها المجلس الأعلى أصدر بيانا قال فيه إنه مع البيان المشترك وليس مع الاتفاق المشترك، البيان رسم خارطة طريق للوصول إلى السلام والتسوية، الاتفاق المشترك لم يجاز من مؤسسات الحكم الانتقالي، الورشة تم التحضير لها بواسطة الإخوة في مجلس الوزراء باختيار عدد من الخبراء بالتوافق مع الحركة الشعبية بغرض مناقشة علاقة الدين بالدولة وليس فصل الدين عن الدولة كان في الممثلين رئيس مجمع الفقه الإسلامي وممثل للكنيسة ووزير العدل وجمعة كندة، نحنا في السيادي لم نكن مشاركين التي فوجئنا بأنها صممت أصلا لمناقشة قضية فصل الدين عن الدولة وأهملت القضايا الأخرى على عكس المتفق عليه مع رئيس الوزراء، المهم انعقدت الورشة واتفقنا على سبع نقاط للنقاش، المفارقة أنه خرجت ديباجة من الورشة أعلنت الموافقة على اتفاقية أديس، أنا سأقولها بصراحة المتأسف على أن من قدم هذا الطرح هم في الأصل عناصر من الحكومة وجزء من طاولتها للتفاوض هؤلاء هم من قدم هذا الطرح واختلفوا فيما بينهم رئيس مجموعة الفقه رفض هذا الطرح لكن في مجموعة كانت داعمة له وهم من سعوا لتثبيت الإقرار بالاتفاقية، وقال إن الوثيقة الدستورية المفترى عليها أنا الوثيقة دي كتبتها حرف حرف وما بتغالط فيها الوثيقة حددت مهام الفترة الانتقالية في الفقرة (8) وهي مهام لكل المؤسسات بعدها قامت بتفصيل المهام وفيما يختص بالسلام قالت إن مجلس السيادة مسؤول عن (رعاية) عملية السلام وجيب قواميس الدنيا كلها عشان تشوف معنى رعاية.
حديث كباشى يعيد أجواء ما قبل 30 يونيو 2019م، بما في ذلك نبرة التعالي والشعور بالقوة والزهو، وهو كاتب الوثيقة الدستورية ومفسرها، وكما حدث في موضوع السلام واللجنة الاقتصادية، نفس اللغة والوصاية تمت في فرض التطبيع مع إسرائيل، وقد اتضح الآن أن رئيس الوزراء لا يملك شيئاً حسب تعبير كباشي، والحرية والتغيير ممثلة بتسعة في مجلس السلام، والحكومة بسبعة وزراء ثامنهم حمدوك، ومجلس السيادة المدني كلهم في آلية السلام، فلماذا يوافقون ومن بعد يرفضون ؟
مع التسليم بأن كل المعالجات الاقتصادية، وملف السلام، وملف التطبيع تمت بتجاوز للوثيقة الدستورية وبطريقة خاطئة، إلا أن الحقيقة الواضحة أن هناك صفقة تمت، من يخطف من؟ جزء من الحرية والتغيير يختطف الحرية والتغيير، والحرية والتغيير وحكومتها مختطفة من الجهة الخفية التي تفعل كل شيء مخالف للوثيقة الدستورية، وهي صاحبة الحق في تفسيرها كما عناها وكتبها الكباشي، وأخيراً اختطاف السيادة الوطنية وتمرير التطبيع، فمن فعل هذا وقرره ؟
اعتقد أن الحكمة والشجاعة تقتضي القول إن ثورة ديسمبر اختطفت من جميع اللاعبين بشعاراتها وبأحلام وتطلعات القوى الثورية، يا أيها الناس إنكم تسيرون عكس الاتجاه، إنكم تبيعون الغالي رخيصاً، ان كان اتفاق حمدوك – الحلو ( عطا من لا يملك لمن لا يستحق )، فمن المالك الحقيقي ؟ ومن المملوك؟ يا ايها من تبقى من الحرية و التغيير، أيتها الحكومة، أيها السيد حمدوك، لقد أديتم قسماً غليظاً بحماية الوثيقة الدستورية، فهل تقومون بواجبكم هذا؟ ام ان كان تفسير كباشي صحيحاً، فلا جناح عليكم، فقط صارحوا الشعب السوداني بهذا التفسير و انكم ممتثلين له، من يهن يسهل الهوان عليه.
الجريدة

التعليقات مغلقة.