نزاع حلايب يعود للواجهة.. هل الملف الحدودي ضحية مساومات بين السودان ومصر؟
يشعر مسؤولون عن ملفات الحدود وترسيمها في السودان بأن قيادة الحكومة الانتقالية لا تضع النزاع الحدودي مع مصر بشأن مثلث حلايب ضمن أولوياتها، في ظل مخاوف من شركات تنقيب تعمل لصالح مصر في المنطقة، وقد أعاد تصريح صحفي لمسؤول في مفوضية الحدود السودانية ملف المثلث للواجهة.
ووضع مسؤولان بارزان عن ملف الحدود في السودان خريطة مثلث حلايب المشاطئ للبحر الأحمر على صورة البروفايل الخاصة بهما في تطبيق واتساب، وذلك فيما يشبه الحملة.
وأعادت مقابلة لرئيس المفوضية القومية للحدود معاذ تنقو مع صحيفة “الصيحة” السودانية النزاع بشأن حلايب للواجهة، وذلك عندما وصف الوجود المصري في حلايب بأنه “مبني على القهر والقوة، لا على المنطق أو التفاوض السليم”.
ونبه تنقو إلى وجود شركات مصرية وأجنبية تنقب عن المعادن في المثلث الحدودي، قائلا إن السلطات السودانية ستطارد هذه الشركات أمام المحاكم الدولية.
وتتنازع القاهرة والخرطوم حول مثلث حلايب -الذي تبلغ مساحته 20 ألف كيلومتر مربع- منذ العام 1958، وفي سنة 1995 دخل الجيش المصري المنطقة وأحكم سيطرته عليها.
اتفاق خفي
لا يوجد دليل على وجود أي تحركات للحكومة السودانية من أجل مطاردة شركات التنقيب في حلايب، حتى أن مباحثات رفيعة المستوى برئاسة رئيسي وزراء البلدين عقدت بالخرطوم في أغسطس/آب الماضي لم تناقش الملف.
وطبقا لمصدر حكومي سوداني موثوق، فإن زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على رأس وفد وزاري رفيع ضم وزراء الكهرباء والتجارة والري والصحة لم تتطرق البتة للملف.
ويقول المصدر الحكومي للجزيرة نت “حينها تم الاتفاق على طرح نزاع حلايب بشكل منفرد في وقت لاحق، وتجميده حاليا، على أن تتوقف أي أنشطة تعدين تقوم بها الشركات لصالح مصر”.
وقبل سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير بشهر، أي في مارس/آذار 2019، استدعت الخارجية السودانية السفير المصري لدى الخرطوم حسام عيسى للاحتجاج على طرح مصر عطاءات دولية لاستكشاف النفط والغاز في حلايب.
وطرحت شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول 10 مناطق امتياز في البحر الأحمر للتنقيب، من بينها 4 مناطق في حلايب، وذلك ضمن في عطاءات عالمية في مارس/آذار 2019.
جهة الاختصاص
ويؤيد عبد الله الصادق رئيس لجنة ترسيم الحدود بالسودان (هيئة حكومية) ما ذهب إليه معاذ تنقو بشأن الوجود المصري القائم على القوة في حلايب، لكنه يقول إن التحرك ضد ما يقوم به الجانب المصري يجب أن يقوم به مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو وزارة الخارجية.
ويوضح الصادق في تصريح للجزيرة نت أن مفوضية الحدود هي جهة استشارية للدولة في أمور الحدود، وعليه فهي لا تقوم بأي ملاحقة أو غيرها، وإنما تدرس الأمر وتعد مذكرة بذلك، وترفعها إلى الجهة العليا المختصة في الدولة.
وطبقا للمصدر الحكومي، فإن الموقف الثابت للحكومة الانتقالية هو أن حلايب سودانية، لكن هناك توافق بين مكونات الحكومة على عدم إثارة النزاع مع مصر حاليا بسبب أولويات أكثر إلحاحا في الوقت الراهن.
وفي أغسطس/آب 2020، قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في كلمة بمناسبة عيد الجيش “لن نتخلى عن حقنا، ولن نتراجع عنه ولن ننساه حتى يتم رفع علم السودان في حلايب”.
وربما أن موقف قيادة الحكومة الانتقالية الذي جعل من حلايب معركة مؤجلة هو ما يقلق الممسكين بملفات الحدود في البلاد.
ويقول الصادق ردا على سؤال للجزيرة نت عن سر احتفاء مسؤولي مفوضية الحدود بخريطة حلايب على واتساب “على الجيل الحالي من الشباب والأجيال القادمة إيلاء القضية الاهتمام اللازم حتى لا يضيع هذا الجزء من الوطن”.
خيارات السودان
ورغم أن رئيس لجنة السياسات في حزب الأمة القومي إمام عبد الرحمن الحلو يقول إن رئيس الوزراء السوداني عبد الله خليل قام في العام 1956 بتصد حاسم لتوغل الجيش المصري في حلايب فإن الحلو يفضل أن تتعامل الحكومة الحالية بحكمة مع هذا الملف.
ويقول القيادي في حزب الأمة -وهو أحد أهم أحزاب الائتلاف الحاكم- في تصريح للجزيرة نت إن موقف حزبه هو أن حلايب سودانية، لكن “يجب مع ذلك ألا يؤثر النزاع على علاقة الشعبين السوداني والمصري”.
ويضيف الحلو أن الأوضاع الآن في المنطقة معقدة، والسودان خارج من نظام قمعي ويعاني من أزمة اقتصادية، مما يتطلب معالجة قضية حلايب بحكمة وحوار مفتوح مع مصر.
وحذر من مغبة الانجرار وراء أي خيارات أخرى لإعادة حلايب إلى السودان، قائلا “أي طريق آخر غير الحوار سيدخل البلدين في مواجهة وحرب مجنونة لا منتصر فيها”.
وكانت القاهرة رفضت في السابق خيار اللجوء إلى التحكيم الدولي للفصل في تبعية حلايب للسودان أم لمصر.
التعليقات مغلقة.