انهد جبل البركل يا عمر شلبي

198

عبدالوهاب همت
مزلزلاً وفاجعاً ومؤلماً جاء خبر رحيلك يا عمر وانت في غمرة عملك الوطني تؤدي المهام غير مكترث بصحة قلبك العليل، تتحرك بين الناس برشاقة تحسد عليها، ورغم كثرة المهام وثقلها فقد تصديت أنت وبشجاعة وجسارة نادرة تنقب في ثقافات الأسلاف، في جلدٍ ملحوظ، وكنت راسخاً وشاملاً وقوياً كجبل البركل اسماً ورسماً.
ومثل هذه الأعمال الشاقة لايقوى على التصدي لها إلا أصحاب الهمم العالية والفكر الناضج والذهن المتقد.
كنا نمني أنفسنا في أن نلتقيك وأنت في مقدمة المستقبلين فاتحاً صدرك بالأحضان كأنك تلتقي الناس في دارك أو في مكتبك بصوتٍ جهوري وضحكة رنانة والضيافة تشمل الجميع.
ولا صوت يعلو فوق صوت المهام الوطنية.
يكفيك أنك جعلت من مهرجان البرك اسماً ومسمى، فأنت حفيد قوم جذورهم ضاربة في التاريخ القديم، قصدت في زمان التشوهات أن يسمو ويعلو صيت تلك الحضارة، فأتيت بالفنانين والمغنين ولو تفهم الغافلون مرامي وأهداف برنامجك لنافست مهرجان جرش وغيره من المهرجانات العالمية، ولكن لأن اهتماماتنا سطحية يدير ولي الامر الجهلاء شؤون دولةً اوصلوها مرحلة الكِساح مابين ولاءات واعتقادات واوهام تخص فئات قليلة ولاينظرون إلى مصالح شعبهم.
لم أكن أتصور أنني سأكتب لك هذه الرسالة في غيابك، رغم أننا تحادثنا مطولاً في أهمية وضرورة ما تقومون به. وأقسى درجات الألم أن توجه رسالة لشخص في غيابه ياشلبي، لكنك وان غبت بجسدك فأعمالك منحوتة في جبل البركل.
وذكراك الطيبه يتداولها الناس و وروحك الطاهرة تحلق هناك.
أعلم أنك سترقد في رقدتك الأبدية هانئاً مرتاحاً، وفي الذاكرة القريبة أطفال الشوارع والمشردين الذين كنت تقوم بإعداد الطعام لهم بيديك الطاهرتين زاداً لهم يقيهم من الجوع والمسغبة، لانك كنت سنداً لهم حيث لا سند، والذين يسندون الناس في مثل هذه الاوقات هم أصحاب الضمائر الحية.
دعني ياشلبي أتوقف لأنه ألمٌ ممض يا صديق وفراق صعب.

التعليقات مغلقة.