نهلة على المرفأ

142

صديق الحلو

كنت دائما مرتابا كغراب.. لا يعجبني تيه الطاؤوس.. ولكنني أحب ألوانه. عندما يهدي أحدهم لك كتابا معنى ذلك أنه يود أن يوصل إليك رسالة في المضمون. كانت نهله تتحلى بأنوثة دافئة. وساقين زاخرتين بالشهد والأطفال. فضلت أسامة على. قلت تظاهر بأنك سعيد عندما تكون حزينا. كنت أعرف بأنني قبيح. دميم الشكل. في دنيا لا مكان فيها للقبيحين. انهمكت في قراءة الكتب. صرت أقرض الكتاب تلو الآخر كفأر. أحببت الوحدة. ونهلة. وارتبت من صديقي أسامة. كنت لا أعرف كيف أتحدث مع الفتيات الجميلات. وكنت أتمرن على شجرة النيم المتوسطة حوش منزلنا اعتبرها فتاة صبية يافعة وطرية تصغي لما أقول بانتباه بائن. أحب ان أكون ثرثارا ولا أستطيع. عندما قابلت نهلة في جامعة الخرطوم انقلبت أيامي رأسا على عقب. أعطتني ثقة أكبر. تؤمن بكل ما أقوله. استمعت إليها كثيرا بدل شجرة النيم. عرفت كل شيء عنها. اشياؤها الحميمة والدفيئة ارتني إياها. لمستها وغام الكون. كان اسمها نهلة وأحببت كل النونات في العالم. صديقتها نهى كانت تحسدها لأن نهلة يحبها الناس. وصديقتها نعمات كحاكم قال له الناس ارحل. حسدتني نهى لانسجام نهله معي. حمقاء ومتحجرة القلب نهى. أحسست بأنفاسي تتعالى. قال لي أسامة صديقي اهدها رواية لوليتا. وأعطاها هو رواية زهرة القرنفل من ورائي. كدت انفجر وتنفجر اشيائي كلها. كلما نجلس معا يأتي من يقطع احاديثنا. التي لا تكاد تبدأ حتى تنتهي. قطة الشوق تقفز من عيني نهلة. عندما اغيب واعود ونلتقي. دائما ما تروح مني الكلمات تتلاشى وتتبخر. تعمني الكآبة. وعند ذهابها تأتي الكلمات كشلال جارف استعيدها في وله. احفظها كتلميذ خائب بليد وغبي. لا أدري لماذا تصيبني التأتأة في حضورها البهي. نصمت طول المسير معا في الطريق إلى محطة الحافلة. بصوت هامس أودعها. واصل إلى المنزل استلقي على السرير. وسط الحوش تحت شجرة النيم الباذخة أستعدل النظارة الطبية واظل محدقا في سقف السماء اتأمل النجيمات الشاردة وهي تلمع في البعيد. كان ذهني يعمل كطاحون. ان تحس بأنك لست وحيدا وان أحدا يفكر فيك كما تفكر انت فيه. يا للسعادة. أبعد من اللمس لكي لا تنفجر هكذا نصحني صديقي أسامة. نونتي صارت تفهمني جيدا. عندما أكون مرتبكا وفي مرحلة انعدام الوزن. تعيد توازني حتى لا أصاب بالدوار. لا تستطيع أن تسيطر على نفسها نهلةريانة وندية. تسرح في عوالم تخصهاخضراء وبهية. والكدرو ملأى بالليمون الطازج والمانجو والبرتقال. لا أحب الأشياء المقفلة. الإغلاق يزعجني. ان تظل الأشياء مفتوحة تكمن سعادتي هناك. يعني أن يسطع النور ويعم البهاء الكون. ليست هناك مقارنة بين نهلة وصديقتها نهى. شتان بين الليل والنهار. كنت أريد أن يطلع النهار حتى أتأكد من أن نهلة غير غضبانة عني. مما بدر مني يوم أمس. نظراتها كانت تقول لي شيئاً وصديقتها نهى لاصقة بها كغراء. نهى كوجه القطر. دميمة وشكاكة. كتابي لنهلة لم يعط مفعوله والرسالة لم تصل. لعدم اهتمامها بالقراءة أصلا. ولنظرتها البعيدة للأشياء والناس. نهى تعتبر أن القراءة مرض والأفضل الوصول إلى الهدف مباشرة دون اللف والدوران. لم يصب أسامة بخيبة الأمل ولكنه واصل المثابرة باستحداث طرق أخرى لجذب نهله والفتيات الأخريات. كنت مع نهى جالسين في حديقة العشاق. (حبيبي مفلس).. الطقس يوحي بهطول الأمطار في كل لحظة. نستمع لأغنية الجندول. الطقس طقس فول وبخور. كنا وحيدين تشجعت وقلت لها أحبك!!

السكون يعم المكان كله. عندما وجدتني نهلة أحادث نهى. غامت الدنيا في عيني وصرت كطائر مبلول يتخبط في الظلام. نهى لا تحب التعجل. ذكاؤها دائما ما ينقذها. ارجعت نهله الكتاب لأسامة بحضوري واتفقنا على أن لا نؤذي مشاعر البعض. وعلى الرصيف المترب جلسنا أربعتنا دون أن ننبث ببنت شفه. ضحكنا كدت أن احتضنها نهلة. صدرها كاد يقفز. خرجت حمامتين صغيرين بيضاويتين. داعبتهما وقررت أن لا أخدش مشاعر إنسان أبدا. كما الزجاج إذا انكسر لا يمكن إصلاحه.

التعليقات مغلقة.