لماذا تقبل المرأة بالزوج الدميم ويرفض الرجل غير الجميلة
يمينة حمدي
تعددت الأوصاف في وصف حسن المرأة وجمالها، ويكثر الثناء على وسامة الرجل، لكن هل يمكن لمقاييس المظهر الخارجي ومعاييره السائدة في المجتمع أن تحكم على العلاقات الزوجية بالنجاح أو الفشل؟ وهل التجمّل يضفي شيئا من الجمال على الروح أيضا؟
يعتبر الحكم على الناس من ملامح وجوههم حقيقة غير محببة من حقائق الحياة، لكن تماشيا مع ثقافة المجتمعات العصرية التي أصبحت قائمة على الإعجاب بالمشاهير، فإن الوسامة وجمال المظهر الجسدي للشريك يمثلان أكبر مصادر السعادة الزوجية.
ليس من الغريب أن يحكم الأزواج على شركاء حياتهم بطريقة غير منصفة، بناء على مظهرهم، كما أن الأشخاص الآخرين في المجتمع قد يحكمون عليهم بالشيء نفسه.
والأكثر من ذلك، أن مثل هذه المسألة تبدأ في التشكل منذ الصغر، حيث يستطيع الطفل في الثالثة أو الرابعة من عمره أن يقرر من يبدو وسيما، ومن يبدو قبيحا، بناء على المظهر الخارجي، ويتنامى في تمكّنه من الحصول على تقدير المجتمع.
وتشير بعض الدلائل إلى أن ملامح الوجه والمظهر الخارجي للشخص قد تحدد مدى سعادته في علاقته العاطفية بدرجات متفاوتة، ووفقا لمدى رضاه عن مظهره الخارجي.

وتلعب البيئة الأسرية دورا في ربط مدى نجاح الزواج بالتوافق بين الجنسين في الشكل، فلا بد أن تكون الزوجة أكثر حسنا وجمالا من زوجها، حتى يوفر لها زوجها دفعة ثابتة للسعادة، وتشعر بالرضا عن الحياة، إلا أن تأثير المظهر الخارجي أقل وضوحا بالنسبة إلى الرجال الوسيمين، ويبدو أن الكثير من الخبراء توصلوا إلى اتفاق بشأن هذا الأمر، وهو أن أول ما يولد شرارة الإعجاب ويثير فضول الرجل للتعرف على المرأة ويدفعه إلى الزواج منها هو جمالها الخارجي.
ومن خلال نتائج الدراسات واستطلاعات الرأي التي جرت في هذا المضمار على مدار عقود، راجع العديد من الخبراء في مجال علم النفس كل الاستخلاصات التي جرى التوصل إليها حتى الآن حول ذلك الأمر، وخرجوا باستنتاجات ربما لا تتسق مع ما يمكن أن يتوقعه الأزواج في هذا المضمار.
تقول الباحثة الأميركية في علم النفس الاجتماعي ليزا سلاتري ووكر، من جامعة نورث كارولينا الأميركية، إن صفة الجمال “واحدة من بين صفات عديدة تحدد مكانة أو منزلة من نتعامل معهم، ويمكن لنا أن نميزها ونتعرف عليها في وقت مبكر للغاية من تعاملاتنا”.
ويطلق علماء النفس، على هذا الأمر تعبيرا استدلاليا مفاده أن “ما هو جميل؛ فهو جيد بالضرورة”.
وبحسب علماء النفس قد يصبح وجه المرء وملامحه بمثابة ثروته الحقيقية، فيوهَب منافع ومزايا طيلة حياته حتى في إطار علاقاته العاطفية والمهنية، وكل ذلك ناتج عن التأثير التراكمي لفقاعة الجمال وحسن المظهر على المجتمعات.
لكن، قد تكون لجمال المرأة أهمية كبيرة بالنسبة إلى الرجال في غالبية الزيجات التي لا تقوم على المصالح المادية، أما بالنسبة إلى النساء الحسناوات فقد يقبلن بالزواج من رجال أقل وسامة ومع ذلك يشعرن بالسعادة في علاقاتهن العاطفية.
وفي المقابل، فإذا كانت المرأة أقل جاذبية من حيث الشكل فإن ذلك يجعل التفاعل الإنساني بينها وبين شريك حياتها أكثر فتورا، وأقل سعادة.
وبالرغم من أن صفات الجمال سطحية وظاهرية تماما مثل مفاهيم الناس عنها، لكن تأثيراتها قد تؤدي إلى خلق أجواء من القلق والتوتر في صفوف الشريكين وتؤثر على الطريقة التي يفكرون بها تجاه بعضهما ويعيشان بها.
ويشير مختصون في الصحة النفسية إلى أن السخرية من شكل الشريك تصنف ضمن أشد المواقف السلبية التي تهدد استقرار العلاقة وتجعل من الصعب إصلاحها، حيث تؤدي حتما إلى الشعور بخيبة أمل كبيرة. وبالتالي تتعرض العلاقة للتآكل لأن الشريك سيجد نفسه في حالة من الإحباط وعدم الشعور بالثقة في النفس، وغالبا ما يكمن الحل في إنهاء العلاقة تماما.
وكشفت أبحاث حديثة اختبرت كيف تؤدي ملامح الوجه إلى النجاح في العلاقات العاطفية واستندت في أبحاثها على عينات من زيجات نسبة هامة من المشاهير، أن زواج الرجل غير الوسيم بامرأة جذابة من حيث الشكل تنتج عنه علاقة أسرية سعيدة وزواج ناجح.
وقالت دراسة أجراها خبراء من جامعة فلوريدا الأميركية، إن مفاتيح السعادة تكمن في مثل هذا النوع من الزيجات.
وأختبرت الدراسة عينة تتكون من حوالي 113 رجلا وامرأة من المتزوجين حديثا، يبلغ متوسط أعمارهم 20 سنة، وتم تصنيفهم حسب جاذبيتهم الجسدية.
وطُلب من هؤلاء الأزواج تعمير استبيان يوضحون فيه رغَباتهم الشخصية ويصنفون أنفسهم بناء على مدى إعجابهم بمظهرهم الخارجي بناء على ملامح الوجه ومظهر الجسم.
وبينت النتائج التي تم الوصول إليها أن النساء اللواتي كان أزواجهن على قدر عال من الوسامة، يقضين معظم أوقاتهن في العناية الشخصية بأنفسهن وتدور مخاوفهنّ الرئيسية حول تجنب زيادة الوزن أو بدء مظهرهن الخارجي.

كما تتوتر النساء عندما يكون شركاؤهن أكثر جاذبية منهن، وهو ما يجعلهن يندفعن نحو السلوكيات غير صحية، مثل الحميات الغذائية القاسية. ويسبب لهن هذا السعي الدؤوب إلى المحافظة على لياقتهن البدنية إجهادا متواصلا وانخفاضا لروحهن المعنوية، وذلك ناتج عن خوفهن المتواصل من انجذاب أزواجهن إلى نساء أخريات أكثر جمالا منهن.
وفي المقابل كانت النساء اللواتي تزوجن برجل غير وسيم يتمتعن بحياتهن بأكثر بساطة فضلا عن أنهن يخصصن أوقاتا متواصلة لتعزيز الروابط الأسرية ما يجعلهن أكثر سعادة بشكل عام.
وتقول الدراسة إن الرجال الأقل جاذبية يجتهدون أكثر من غيرهم لإسعاد شريكاتهم حتى لا ينجذبن إلى رجال أكثر وسامة.
ويدفع ذلك الخوف الرجال إلى تعويض نقص صفات الوسامة الكلاسيكية لديهم عن طريق الرومانسية ومحاولات إسعاد الشريكة بشتى الطرق.
وتأتي الدراسة لتأكيد نتائج أبحاث سابقة حول شؤون الزواج والأسرة، أكدت في معظمها أن وسامة الرجل ليست نقطة إيجابية في صالحه، لأنّ شكله الجذاب سيكون له تأثيره السيء على علاقته بالمرأة، ولن يحظيا بالحياة المثالية التي يطمحان إلى الحصول عليها، لأنّ هناك الكثير من المشاكل التي تنشأ في العلاقة نتيجة وسامة الرجل.
وهناك دراسة بريطانية أخرى تدعم هذا الاتجاه أيضا، وتعتبر أن وسامة الرجل توقد غيرة الزوجة، فيما يميل الرجل الوسيم إلى الغرور، ويزداد الحال سوءا، كلّما بلغ هذا الغرور مستويات عالية. وهذا الأمر يحوّله إلى إنسان منفر لزوجته بسبب صعوبة التعامل معه أو إرضائه.
وأسوأ ما يمكن حصوله في مثل هذا النوع من العلاقات الزوجية، وفق ما أكدته الدراسة، هو إحساس الرجل بأنّه أكثر جاذبية من المرأة التي اختارها، وقد لا يحصل ذلك على الفور، بل بعد سنوات من الزواج، ومجرّد الإحساس بالأمر سيكون له أثر تدميري على علاقتهما الزوجية.
وعلى أية حال، قد يجعل الجمال الخارجي الكثير من الأزواج يهملون الصفات الإيجابية والأكثر أهمية في شركاء حياتهم، وكل ذلك بسبب انحيازهم الوجهي، وفق توصل أليكساندر تودوروف، من جامعة برنستون الأميركية.
العرب
التعليقات مغلقة.