لكى لا ننسى.. يا جبريل !

149
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* هل ثار الشعب وقدم أغلى التضحيات لكي يتخلص فقط من الرئيس المخلوع وقلة من المجرمين الفاسدين فقط، ويبقى النظام الجائر المجرم كما هو يتمتع كل قادته وزبانيته الذين ارتكبوا أبشع الجرائم والمفاسد بحريتهم خارج السجون، بل لا تزال الغالبية في مواقعها تدير شؤون الدولة في الداخل والخارج، وتفعل ما بدا لها، تسرح وتمرح وتسرق وتنهب وتحكم وتتحكم وتمد لسانها ساخرة من الثورة والثوار والملايين التي خرجت إلى الشوارع، ومن المعتصمين في الساحات والميادين ومن أرواح الشهداء والدماء الطاهرة التي سالت من أجل التغيير ومن كل شيء .. أي ثورة تسمح بذلك؟!
* هل ثرنا لكي يظل الذين قوضوا الشرعية الدستورية في عام 1989 وارتكبوا الجرائم البشعة في بيوت الأشباح وفي العيلفون وفي بورتسودان وفي أمري والمناصير وفي رمضان وفي سبتمبر وفي ديسمبر ويناير وفبراير ومارس وأبريل وكل شهور العام، وقتلوا مئات الآلاف في دارفور وشردوا الملايين، ودمروا البلاد وأضاعوا السيادة ونهبوا الثروات .. جاثمين على صدورنا؟!
* الذين ارتكبوا هذه الجرائم لن يترددوا في ارتكاب غيرها وأبشع منها إذا ظلوا هكذا يجلسون على المقاعد، يحكمون ويُنظّرون ويسافرون ويتحدثون ويقررون باسمنا، وبعضنا للأسف ينظر إليهم معجبا ويدعو للتفاوض والتصالح معهم ويطالب بإشراكهم في السلطة ليواصلوا المسيرة الظافرة في القتل وسفك الدماء والنهب والسرقة، ويُصدّق ويروج لحديث الإفك والكذب الذى يصدر عن بعض بقاياهم باستعدادهم لإجراء انتخابات وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، ولا أدري إلى ماذا يسعى مِن وراء هذا الترويج!!
* من يصدق حديث الإفك هذا فهو واهم وغشيم ولا يدرى شيئا عن أخلاقيات وسلوك النظام الفاشي الفاسد الذى لم يسقط بعد، وعن السقوط الأخلاقي لقادته وزبانيته، وافتقادهم للقيم الإنسانية والسودانية الكريمة.. الطريقة الوحيدة للتعامل مع من بقي منهم هي مواصلة الثورة عليهم بكل الوسائل السلمية المتاحة وإزاحتهم عن الكراسي التي يجلسون عليها بالمد الثوري الشعبي الكاسح، وشرعية الثوار الذين يتكبدون مشقة الاعتصام والعطش والجوع تحت وهج الشمس الحارقة منذ أكثر من أربعين يوما !!
* هذه الفئة لا يصلح معها حوار أو تفاوض خاصة بعد إعلان النوايا الذي صدر عنهم في اليومين الماضيين.. لقد اعتادوا على القتل وسفك الدماء والمراوغة والمكر والخداع والأنانية. تأملوا فقط تهديد بعض قادتهم بقطع الرؤوس واطلاق (كتائب الظل) لتفتك بالمتظاهرين السلميين، والقمع والعنف المفرط والجرائم الوحشية التي ارتكبتها هذا الكتائب بإطلاق الرصاص على رؤوس وصدور المتظاهرين السلميين، حتى بعد سقوط المخلوع !!
* الأطفال لم يتركوهم.. الطفل (محمد العبيد) كان سعيدا بالتظاهرة.. يجري هنا وهناك، يقترب من العساكر ويهتف في وجوههم (تسقط بس) ثم ينفلت عائدا إلى حيث بقية المتظاهرين .. ذات مرة اقترب من أحد العساكر.. هتف بسعادة (تسقط بس).. صوب العسكري سلاحه نحوه وبهدوء أطلق عليه الرصاص.. رصاصة في الرأس ..مات في الحال !!
* الطبيب (بابكر عبدالحميد) خرج إليهم رافعا يديه ليخبرهم بأنه طبيب يسعف بعض المصابين بالداخل، فما كان منهم إلا أن تهكموا منه وأطلقوا عليه رصاصتين اخترقتا صدره وتشظت داخله إلى أربع عشرة رصاصة.. تخيلوا.
* هذه فئة اعتادت على القتل وسفك الدماء وارتكاب الجرائم. من ذهب منهم واختفى من المشهد، ومن لا يزال باقيا، فهل يصلح معها الصلح والتفاوض ؟!
* نُشر المقال (أعلاه) في مايو من العام الماضي تحت عنوان (لا صلح ولا تفاوض)، أعيد نشره مرة أخرى وأهديه إلى قادتنا الجدد (جبريل ومناوي وإبراهيم الشيخ ومالك عقار) وكل الذين يطالبون بالصلح مع قادة النظام البائد والسماح لهم بالعمل السياسي !

التعليقات مغلقة.