جيتك يا عبد المعين
د.ناهد قرناص
المشكلة التي نحن بصدد عرضها لم أجد شيئا استهل به المقال خاصتها.. لأن التعجب والاستغراب تسيدا فكري وأنا أقرأ المستندات التي أرفقها المفصولون من بنك النيلين والذين يتظلمون من الضيم الذين وقع عليهم مرتين.. مرة في العهد البائد.. وأخرى في عهد السلام والعدالة.. والقصة كالتالي حتى تكون معنا عزيزي القارئ في الصورة..
في العام 2009 خاطبت إدارة بنك النيلين موظفيها تطالبهم بالتقديم للتقاعد الطوعي المبكر.. وتعدهم بمزايا عديدة لذلك الذي يتخلى عن وظيفته طائعا مختارا.. لحدي هنا كويسين.. ربما كان البنك يعاني ترهلا وظيفيا.. أو هناك هيكلة جديدة تتطلب الترشيد في مواقع محددة في البنك.. لكن الخطاب في نهايته يذكر العبارة التالية “العاملون الذين لا يتم استيعابهم في الهيكل الجديد ولم يتقدموا بطلباتهم للتقاعد الطوعي سوف يتم إنهاء خدماتهم وفقا للائحة شروط الخدمة ولن يتمتعوا بالحوافز المذكورة أعلاه”.. ماذا يعني هذا؟
اضطر حينها ما يقارب المائتي موظف إلى تقديم طلبات التقاعد خوفا من الفصل من الخدمة وبالتالي الحرمان من الحوافز وبدلات نهاية الخدمة.. المفارقة.. إن البنك بعد خروج هؤلاء.. قام بتعيين ما يقارب 400 شخص.. حسب رواية المتظلمين.. الذين لم يكن في مقدروهم في ذلك الوقت غير لملمة انفسهم ومحاولة البحث عن مكان آخر لإعاشة أسرهم وأطفالهم.
عندما قامت الثورة ورفعت شعارات السلام والعدالة ورفع الظلم عن المظلومين.. استبشر أصدقاؤنا خيرا وذهبوا إلى لجنة إعادة المفصولين حاملين خطابا يشرحون فيه مشكلتهم وكلهم أمل أن يجدوا أذنا صاغية وتعاطفا مع قضيتهم العادلة.. لكن الصدمة كانت كبيرة عندما قال لهم ممثل اللجنة إن المفصولين عندهم هم الذين فصلوا لأسباب سياسية.. غير كدا.. (يأكلوا نارهم).. سبحان الله حتى الظلم طلع فيه مواصفات ومقاييس.. حتى الضيم طلع درجات.. درجة أولى ودرجة رابعة.. وناس لا يحق لهم الركوب أصلا في القطار..
الذي أفهمه أن تكون هناك لجنة متخصصة في الفصل السياسي.. لكن حصر الفصل التعسفي في السياسة فقط فهذا وأيم الله لهو قصر نظر ومحدودية للجنة كان يمكن أن تعيد الابتسامة لاسر كثيرة تم فصل عائلها دون أي ذنب جناه.. لا أريد أن أكون متشائمة ولكن يبدو أننا استبدلنا أحمد بحاج أحمد..فالكثير من ممارسات العهد البائد لا زالت مستمرة مع تغير الوجوه .. واما مدير البنك ومعاونيه فقد كانوا جدا اذكياء فقد مارسوا أسوأ انواع الفصل الإداري والمضايقات الوظيفية لأناس لم يكن همهم الا تدبير لقمة العيش بالحلال…فعلوا كل هذا بدم بارد ولم تطالهم يد العدالة لا زمان ولا حتى في عهد الحرية.
عندما تحدث معي مفصولي البنك وأرسلوا لي المستندات.. وعدتهم خيرا أن أكتب عنهم بعد اقتناعي بوجهة نظرهم.. لكن ذهني كان قد ذهب إلى فكرة اخرى.. وقررت أن أذكرها عبر هذا المقال.. لو كنت مكانكم يا أصدقاء.. لتوجهت للقضاء.. قاضوا البنك والإدارة القديمة التي كتبت ذلك الخطاب.. واسم مدير البنك وتوقيعه ظاهرين في أسفل الخطاب.. القضاء هو الطريق الوحيد الذي سيعيد الحقوق إليكم.. ويعيد الأمور إلى نصابها.. أما أعضاء لجنة إعادة المفصولين الميامين.. فنقول لهم.. . (جيتك يا عبد المعين تعين.. لقيتك يا عبد المعين عايز تتعان).
التعليقات مغلقة.