مجلس الشركاء.. تفكيك الثورة!

166


محمد وداعة
كما توقعنا منذ عام، فإن معاول هدم حلم الحكومة المدنية والإجهاز على الثورة تمضى على قدم وساق، ويأتي مجلس الشركاء ليضع بعض الجهات التي تواطأت وصمتت على تجاوزات بعضها في مأزق كبير سيدفع بها إلى خارج ساحة الفعل الباهت المتأمر، كما سيضع شروطاً جديدة إن رضيت بالاستمرار في هذه المهزلة ولكن حتما سيطيح بها في نهاية المطاف إلى الهاوية، ليس لاصطفافها وممانعتها لجهة التمسك بشعارات الثورة، بل بسبب تقاطعات الأجندة الإقليمية والدولية في تحديد دورها المرسوم وعدم السماح لها بمغادرة مسار الخضوع والخنوع التام، ولا نامت أعين الجبناء!،
هذا الوضع يتجه ومنذ يناير الماضي للإطاحة برئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وابعاده من المشهد، بتعقيد وإرباك الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وكان مخطط يونيو الماضي بتدبير انقلاب كامل الدسم للإطاحة بالوضع برمته، ولكن التسريبات ولتردد أحد أطرافه تم تأجيله، وربما يكون مجلس الشركاء وتداعيات تكوينه المتوقعة فرصة المخططين والمتربصين، المحليين والإقليميين لتنفيذ المخطط بطريقة أخرى، والا فان سيناريو يونيو الماضي جاهز للتنفيذ، هذه الجهات الإقليمية وشركاؤها في الداخل لن يهدأ لهم بال الا بعد الإجهاز على حلم الدولة المدنية وتصفية الثورة وتفكيك قاعدتها الاجتماعية، إن استطاعوا، وتمكين تحالف المصالح من إحكام قبضته على البلاد، وهذا كله سيفشل لسببين أولهما وأهمهما أن جذوة الثورة لا تزال مشتعلة، وثانيهما أنه يستقي معلوماته ويبني تحليلاته على مصادر معلومات مضروبة.
تسريبات من مكتب رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك حول موقفه من مجلس الشركاء الذي أعلن تشكيله، أفادت بأن رئيس الوزراء يرفض مجلس الشركاء بشكله الحالي ولن يشارك فيه، وقالت المصادر إن د. عبد الله حمدوك قد اشترط في اجتماعه بقوى الحرية والتغيير يوم الأربعاء الماضي أن ينحصر دور المجلس في كونه مجلس تشاوري بين اطراف الحكم، يعني بحل الخلافات التي نشأت في الفترة السابقة، مثل تغول بعض الهياكل على سلطات ليست لها وغير ذلك، وحدد التسريبات أربع ملاحظات رئيسية تسببت في موقف د. عبد الحمدوك من التشكيل الراهن للمجلس أجملها في؛ أولاً: أن يكون دور المجلس تنسيقي تشاوري بين أجهزة الحكم، ولا يتدخل في عمل الجهاز التشريعي أو التنفيذي أو السيادي، ثانياً: عدم إضافة اثنين من الوزراء على الأقل للمجلس حسب ما تم الإتفاق عليه، ثالثاً: عدم تسميته رئيساً مناوباً لمجلس الشركاء وفق ما نصت عليه اللائحة المطروحه للمجلس، رابعاً: غياب التمثيل العادل للنساء في تركيبة المجلس.
التسريبات أفادت بأن رئيس الوزراء تحفظ على تكوين المجلس، وأن استمر بحاله الراهن، فإن رئيس الوزراء لن يكون له علاقة بمجلس شركاء الحكم ولن يشارك فيه.
ونقول للسيد رئيس الوزراء إنك تتحمل مسؤولية ما حدث، وانك فرطت في صلاحيات منحها لك الشعب والقوى الثورية، وإنك تهاونت في أمانة أقسمت عليها، وعليه وإن كنت تريد مراجعة هذا الأمر، كان خصماً عليك يوم قبلت ان تكون نائباً لرئيس اللجنة الاقتصادية، كان غريباً أن تتنازل عن سلطتك الكاملة على القطاع الاقتصادي لتتنازع هذه السلطة مع غيرك، وكان فاجعاً تراجعك عن عدم التطبيع لأسباب دستورية تتعلق بمهام الفترة الانتقالية والتفويض، للانغماس فيه، بتبريرات واهية وحيثيات ضعيفة، إن أردت أن تكون مع شعبك فعليك مراجعة كل ما حدث، ولك ان تتحفظ على ما حدث، فقط أعلن عن هذا، وخاطب الناس، يا حمدوك أخرج من مكتبك وقابل الناس، اذهب للجامعات والمدارس والمستشفيات، قابل الرياضيين والفنانين والمزارعين، اذهب للمنطقة الصناعية وزور الرعاة، أمش الولايات، تفقد اطراف الخرطوم، استمع إلى شعبك، حينها تستطيع ان تحدد تحفظاتك وتتمسك بها بدعم الشعب، وعندها ستعلم إلى أي اتجاه يجب المسير،
ليس لدي أمل كبير في أن يحدث تغيير كبير فيما حدث بفعل احتجاج حمدوك اوتحفظاته، وربما يعلم حمدوك عن مخطط إبعاده، أو كما قال أحدهم (الما عاجبو يبقى معارضة).
أما بعد، فاليقين لدي أن هذه فرصة جديدة لاصطفاف قوى الثورة لاستعادة منصة التأسيس، هذه المرة عبر مشروع سياسي متفق عليه، وقيادات لا خلاف عليها، ومشاركة واسعة من القوى الثورية على منهج جديد، هو مشروع الدولة الوطنية، وهذا لا سبيل إليه إلا باستعادة وحدة قوى الحرية والتغيير باستثناء من تخاذلوا وتهاونوا وباعوا مواقفهم خوفاً وطمعاً، أيها القوم لا تكونوا كمن استبان النصح في ضحى الغد، تعالوا إلى كلمة سواء، فالشمس في رابعة النهار، وسيبقى ما ينفع الناس سلماً أو حرباً، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

الجريدة

التعليقات مغلقة.