شفتو راكب البص !!

صباح محمد الحسن
خلقت زيادة تعرفة التذاكر للبصات السفرية (خُلعة) وسط المواطنين قابلها الجميع بحالة من الغضب والامتعاض، وعدم الرضا والقبول، ولكن ماذا يفعل المواطن، فالجهات المسؤولة عن حياته اليومية، لا تمهله فرصة حتى للتعبير عن مشاعره الرافضة أو إيجاد مساحة مناسبة للبحث عن حلول بديلة، فالزيادات اليومية في الأسعار، مستمرة بوتيرة مزعجة للغاية، سببها الأول تقصير الحكومة، لكن سببها الثاني الأكثر خطورة من التقصير هو الفوضى التي نتج عنها استغلال المواطن لظروف المواطن، وهذه هي أم الكوارث أن ينعدم الضمير تماما، في ظروف غياب الرقابة والمتابعة وعدم اهتمام الحكومة بما يحدث في حركة الأسعار، فبالرغم من أن زيادة تعرفة المواصلات تحدث عنها المسؤولين وبرروها بأسباب كثيرة، واعتذروا عنها إلا أنها تصبح غير منطقية لأنها لا تتناسب مع الظروف التي يمر بها المواطن هذه الأيام.
وأعلنت غرفة البصات السفرية، زيادة قيمة تعرفة التذاكر للولايات بنسبة (63%)، وكشفت عن تنصل الحكومة من إلغاء ضريبة (22%) المفروضة وفق توصيات المؤتمر الاقتصادي الأخير. وقال نائب رئيس الغرفة معمر عبد الحميد أمس في تصريحات صحفية إن الزيادة طرأت بعد تحرير الوقود وتكبد الغرفة لخسائر كبيرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأشار إلى أن الدولة أصبحت لا تهتم بالقطاع، وقدم اعتذاراً كبيراً لجميع قطاعات الشعب لجهة اضطرارهم لاتخاذ القرار. ونوه إلى أن برميل الجازولين يتم شراؤه من السوق الحر بقيمة (27) ألف جنيه بزيادة متضاعفة (5) مرات، وأوضح أنهم تحملوا الفترة السابقة عسى ولعل أن تتفهم الدولة وتسعى لوضع الحلول ولكن لا حياة لمن تنادى وبقينا شغالين بالخسارة، والمواطن نفسه ان سمع حديث معمر عبد الحميد لوجد له العذر، بالرغم مما يجول في خاطره من شكوى وما تحمله دواخله من رفض، ولكن اين الحل ، إذا كان أصحاب (الركشات ) الصغيرة في الخرطوم أصبح التبرير المحفوظ لهم (زيادة سعر الوقود)، والمعلوم ان زيادة سعر الوقود قد تحدث ولكن ليست بصورة يومية، حتى يكون المشوار في زيادة يومية بإضافة (٥٠ جنيها) كل يوم فهذا هو الشيء الذي يجعل ازماتنا عصية على الحل، لأنه حتى إذا لم تتم زيادة الوقود ووقف عند هذا السعر لعام كامل ستكون عملية زيادة الأسعار مستمرة، أو إن حدث انفراج فعلي للأزمة وانخفضت أسعار الوقود، هل سترجع تعرفة المواصلات او يقل ثمن المشوار لأي عربة أجرة ويعود إلى سعرها الطبيعي بالتأكيد لا، لهذا تبقى مشاكلنا ومعاناتنا وإن تحملت الحكومة مسؤوليتها كما هي وللأسف ستجدنا نتنصل عن مسؤولياتنا تجاه تفاقم هذه المشكلات لأننا ببساطة نقوم بعمل خطأ اشبه بالجُرم و (الزيادات ) غير المبررة والتي أصبحت عادة وسلوكا يوميا، يحتاج إلى محاسبة للذات، قبل أن تحاسبنا الجهات النظامية والحكومة، وجُل الحلول إن أصبحت بيد الحكومة قد تكون أسهل بكثير ، ولكن الخوف أن نشكو عيبها والعيب فينا، لأن أزمة الضمير، لن يداويها انخفاض سعر الدولار، ولا رفع العقوبات، ولا غيرها من الحلول المنتظرة لتغيير واقعنا الاقتصادي هذا بصفة عامة.
أما بخصوص زيادة تعرفة البصات فمعمر عبد الحميد بإعلانه هذه الزيادة الكبيرة لا يسرق أحلام مواطن يستمتع بزيارته الأسبوعية الى اهله في الولايات وهو يتكئ على مقعد مريح يجتر ذكرياته ويتأبط أشواقه وحسب لكنه يسرق أحلام كثير من الفتيات اللائي يتغنين هذه الأيام بأغنية شهيرة تحفظها الأغلبية منهن عن ظهر قلب (شفتو راكب البص من وين الزول دا جاي).
طيف أخير :
وطن صامد شايل من الوجع والصبر أرتال
التعليقات مغلقة.