مناوي يتوعد !!

صباح محمد الحسن
منذ أن تم توقيع اتفاقية السلام بجوبا ووصلت قيادات حركات الكفاح المسلح إلى الخرطوم يلاحظ المتابع للمشهد السياسي أن رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي يتحدث بطريقة خاصة أقرب لشخصيته قبل السلام والثورة، وأبعد من روح الجماعة والوطنية التي جاء من أجلها التغيير، فأغلب تصريحاته تقرأ في طياتها روح (النفور) التي تبعدك عنه دون قصد.
فالسلام عندما تم كان في البدء هو أهم مطلب وتحقيق لشعار الثورة الثاني بعد الحرية، وسبق العدالة لأهميته فإن لم تعش في بلد آمن وحر لن تستطيع أن تحقق العدالة، والسلام يعني التسامح والتصالح الداخلي فإن لم تشعر به إحساساً وجدانياً يغير فيك كثيراً من المشاعر السالبة يبقى (حبراً على ورق)، فهو كما السعادة ان لم تعشها لن تستطيع ان تمنحها الآخرين، وان لم تبدأ منك لن تصل لغيرك،
وكنا نظن أن قادة الحركات عندما يأتوا الى الخرطوم سيضعون الثورة نصب أعينهم لعدة اعتبارات أولها انها كانت الأداة التي أزاحت نظام الثلاثين عاماً الذي حولهم من مواطنين آمنين في وطنهم الى غرباء في دول المهجر ومنحهم لقب (الحركات المسلحة) وجاءت رياح التغيير واختصرت لهم مشوار الألف ميل بثورة
وقلنا من قبل في الزاوية هنا عندما رحبنا ودعمنا عملية السلام أنه ومن بعد التوقيع لابد من أن يبدأ التغيير الحقيقي من قادة الحركات لأنهم ومنذ قدومهم الى الخرطوم سيكونون شخصيات قومية مسؤولة عن كل السودان وليس إقليم دارفور وحسب، وان الحديث باسم الإقليم يجب ان يتحول باسم كل أقاليم السودان المهمشة وغيرها، لأننا نريد قادة سلام يساهمون في حلحلة قضايانا الملحة، مجيئهم يحدث فرقاً، ويعمل على إنزال خطط وخطوات إصلاحية تدعم الفترة الانتقالية وتسهم في إزاحة كثير من العقبات،
ويوم ١٩ ديسمبر هو يوم يصادف عيد الثورة السودانية المجيدة، لذلك يجب أن يكون يوماً مهماً لكل من يؤمن بعملية التغيير التي أطاحت بنظام الثلاثين من يوليو، بعد طي صفحاته المليئة بالفساد والحرب والظلم والقهر والتشريد وسفك الدماء، لهذا هو يوم يحي فيه العالم كله ثوار السودان وكنداكاته ويترحم على شهداء الثورة ويعترف بثورتهم العظيمة الضخمة التي عدلت مجرى التاريخ وغيرت سريان أيامه التي لم تعرف غير سلسلة من الأوجاع.
وكنت أعتقد أن يخرج مناوي بتهنئة لعموم شباب السودان ومواطنيه الشرفاء بمرور عامين على ثورتهم ويؤكد أنهم يقفون خلف الثورة ويعملون على تحقيق مطالبها، ويدعمون كل مسيراتها المطالبة بالتصحيح فهو الذي يعلم علم اليقين أن الثورة حتى الآن لم تحقق ربع مطالبها وأن أسر الشهداء ينتظرون القصاص وتحقيق العدالة، لكن مناوي خرج يحذر من استخدام مسيرات 19 ديسمبر ضد اتفاقية السلام وقال عبر حسابه الرسمي بتويتر (أي محاولة سياسية لاستغلال مسيرات (19) ديسمبر ضد اتفاق السلام والتوافق على تشكيل الحكومة، سنرد عليها بمسيرات تأييد السلام، فهذا يعني شق للصف الوطني وننبه بعدم تمزيق البلاد).
(سنرد عليها) عبارة واحدة تكفي لتفصح أن الرجل مازال يعيش في عزلته بعيداً عن الشعب، أو أن الثورة تقف في اتجاه وهو في آخر، أو أنها تطالب بأشياء لا يتفق معها مناوي لذلك قام بالرد عليها واستبق الخروج بهذه التصريحات الغريبة، سيد مناوي من أنتم ؟ ومن نحن ؟ ومن قال إن الثورة ستخرج ضد اتفاقية السلام وكيف لثورة ان تهزم شعارها.؟
أم إن مناوي يعتبر احتجاج الثورة على سياسة قحت وعجزها عن الإصلاح هو احتجاج ضده، أم إن مناهضة ( مجلس الشركاء) والمطالبة بتكوين المجلس التشريعي لا يرضي مناوي، أم إن التصدي لسياسة تمدد العسكر تتعارض معه ومع أفكاره وخطته وبرنامجه، أم إن كل هذه المطالب يفسرها أركو أنها ضد التوافق على التشكيل الوزاري، من الذي يعترض على منح الحركات وقادتها مناصباً في الحكومة ؟ لا أحد فالثورة هي التي نادت بالمساواة والعدالة لكل أبناء الشعب السوداني وهي تعترض بلا شك على ثورة الهبوط الناعم، وتفويض البرهان وعساكره، ولن تسمح بهذا إن شاءت الحركات أو أبت، الثورة ستخرج ضد الذين حاولوا سرقتها وبددوا شعاراتها وتناسوا أهدافها عندما جلسوا على مقاعد القرار والسلطة، لن تسمح بجهة مهما كانت قوتها ان تأتي لتطمس ملامحها ولا قبل أحد تحذير مناوي لأنه لا يستند على حقيقة، وان لا تفسير له سوى أنه أراد فعلاً ان يرسل (إشارات) تحمل في بواطنها التهديد، الذي ولى زمانه وعهده ، فمسيرة الثورة يا سيدي لن تتوقف أبدا ولا أحد يستطيع ان يمنعها هي لن تهتف ضد اتفاقية السلام ولكنها ستهتف يوماً ان استُغلت الاتفاقية لتحقيق المصالح الشخصية بعيداً عن قضايا الوطن والمواطن هي ثورة ستهتف ضد كل من يقف في طريقها ويضع لها العراقيل والمتاريس
هي ثورة أعلى من كل القادة والرتب والمناصب فمتى ما شاءت الرياح ان تعاكس مركبها ستخرج ضدها، فكلكم قادة في المرحلة الانتقالية وكلكم على خشبة المسؤولية عن هذا الوطن وشعبه ولن تسمح الثورة أن يأتي شخص يعتقد أنه كبير على المحاسبة والتصحيح إن انحرف عن المسار، لذلك ربما تكون اليوم ثورة ضد البرهان أو حميدتي وغدا ضد قحت، وبعدها قد تكون ضدك أنت مني أركو مناوي.. لا أحد كبير على الثورة ، أم أنك لا تدري ؟!
طيف أخير:
في مسيرات ذكرى ديسمبر.. الكلمة للشعب
التعليقات مغلقة.