19ديسمبر ذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان.. وقائع الجلسة التاريخية

1٬717

تمر علينا 19 ديسمبر ذكرى الاستقلال من داخل البرلمان، الذي تم إعلانه من داخل البرلمان في جلسة هذه وقائعها:

وقائع الجلسة

كانت تلك الجلسة تحمل الرقم 43 في الدورة الثالثة لأول برلمان سوداني وكانت في يوم الاثنين 19 ديسمبر 1955 وبدأت الجلسة بتقديم بعد الاقتراحات وتمت إجازتها ولكن أهم الاقتراحات هو الذي تقدم به النائب (عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة) نائب دائرة نيالا غرب وقد شمل اقتراحه الآتي:

“سيدي الرئيس أرجو أن اقترح أن يقدم إلى معالي الحاكم العام الآتي نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعا نعلن بالسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان فورا وأن إعلان الاستقلال من هذا المجلس طبيعي ومشروع وواجب وطني مقدس بعد أن دخلت البلاد في الطور النهائي من مرحلة الانتقال وإننا إذ نسجل للحكومتين المصرية و البريطانية تقديرنا لوفائهما بالتزاماتهما في اتفاقية السودان المبرمة بينهما في عام 1953 نأمل جادين أن تسرعا بالاستجابة لهذا النداء الصادر من برلمان الشعب السوداني وتعترفا باستقلالنا الشامل وسيادتنا التامة. إننا نريد لبلادنا استقلالا كاملا نظيفا ليس فيه لأي دولة في العالم نفوذ تخل بكيانه أو تدخل يقلل من حقنا في التصرف في أمورنا وفق مصلحة السودان. إمنا نريد لبلادنا في عهد الاستقلال حكما ديمقراطيا صالحا يضمن لجميع السودانيين من غير تمييز أو محاباة عدالة اجتماعية وتكافؤ في الفرص يريد الشعب السوداني حكما نزيها يطمس مفاسد الماضي البغيض ويعمل على بناء أمة موحدة يسودها الاطمئنان ويعمها الرخاء حتى تنعم بثمارها وكفاحها الطويل” ..

وبعد ذلك قام السيد (مشاور جمعة سهل) نائب دائرة دار حامد شمال كردفان بتثنية عن الاقتراح المقدم .. وتحدث بعد ذلك السيد (محمد أحمد المحجوب) زعيم المعارضة قائلا “لو كانت مقاعد مجلس النواب موضوعة على الشكل الذي يسمح لنا أن نجلس اليوم في صف واحد حتى تختفي الحدود والتقاسيم الحزبية لما ترددنا في ذلك لحظة واحدة وأرجو يا سيدي الرئيس أن تسمح لي أن يعلن هذا المجلس اليوم على العالم أجمع أن السودان قد اصبح دولة مستقلة ذات سيادة كاملة”.

ثم تحدث السيد (مبارك زروق) زعيم الكتلة البرلمانية يجب أن تقوم دعائم السودان ومنذ اليوم على أسس من الديمقراطية والعدالة وأن نواجه مشاكل المستقبل كرجال وأن نعرف كيف نزن ونقدر الأمور، فبناء الأمم ليس بالأمر الهين وبإنكار الذات وسلامة القصد وصدق العزم ونفاذ البصيرة و التعاون نستطيع أن نعوض ما فاتنا حين كانت مقاليد الأمور يصرفها الأجنبي أن عملنا يجب أن يكون لمصلحة الشعب أولا وأخيرا وأن تحل إرادته المحل الأول وأن يكون همنا العمل على إسعاده ورفع مستواه ومحو الآثار التي خلفها في نفسه وجسمه ومجتمعه الاستعمار وأن نعيد له الثقة بنفسه وأن نهيئ له الظروف التي يتنفس بها الحرية وتتفتح فيها أبواب الفرص أمامه وأن نعطيه الحريات التي يتمتع بها الأحرار في كل مكان ..
ثم كان الحديث القوي الواضح للسيد الزعيم إسماعيل الأزهري فقد قال قولته المشهورة التي كانت مفاجأة لكل العالم وخاصة دولتي الحكم الثنائي وحتى المعارضة السودانية بقيادة محمد أحمد المحجوب حيث قال الزعيم:

“اليوم نعلنها داوية ومن داخل هذا البرلمان ان السودان حر مستقلا بكل حدوده الجغرافية”
وصفق الحضور طويلا وتعانق نواب الشعب وانهالت التهاني في منظر وطني خالص وخرجت جمع الشعب السوداني فرحة في يوم خالد من أيام التاريخ السوداني معبرة عن الفرحة الكبرى باستقلال بلادها..

إن قصة الاستقلال وتحقيقه جديرة بالدراسة و التأمل في كل كلمة نطق بها هؤلاء الأشاوس المختلفين في توجهاتهم الحزبية إلا أنهم متحدون من أجل السودان و السودانيين.

تمت إجازة اقتراح استقلال السودان من قبل أعضاء البرلمان وتواصلت الجلسة التاريخية حيث قدم السيد حسن جبريل سليمان نائب دائرة (دار مساليت جنوب) الاقتراح التالي : بما أنه يتوجب عليه الاعتراف باستقلال السودان قيام راس دولة سوداني فإنه من رأي هذا المجلس ان ينتخب البرلمان لجنة من خمسة سودانيين لتمارس سلطات رأس الدولة بمقتضى أحكام دستور مؤقت يقره البرلمان الحالي حتى يتم انتخاب راس الدولة بمقتضى أحكام الدستور السوداني النهائي كما أنه من رأي المجلس أن تكون الرئاسة في اللجنة دورية في كل شهر وأن تضع اللجنة لائحة لتنظيم لعمالها . وثنى الاقتراح السيد جشوا ملوال (غرب النوير ) وأجيز بالإجماع.

وفي جلسة المجلس رقم 48 في دورته الثالثة يوم الاثنين 26 ديسمبر 1955 قدم السيد مبارك زروق الاقتراح التالي : انه من راي هذا المجلس ان يكون الآتية أسماؤهم أعضاء في اللجنة الخماسية لممارسة سلطات راس الدولة بموجب دستور مؤقت يقره البرلمان الحالي والسادة هم :

1. السيد / أحمد محمد صالح

2. السيد / أحمد محمد يس

3. السيد / الدرديري محمد عثمان

4. السيد / عبد الفتاح المغربي

5. السيد / سرسيو ايرو

وقد أجيز الاقتراح بالإجماع .

وقد تقدم النائب محي الدين الحاج حمد (تقلي جنوب) باقتراح لقيام جمعية تأسيسية منتخبة لوضع لوضع وإقرار الدستور النهائي للسودان وقانون الانتخاب للبرلمان السوداني المقبل وقام النائب حماد إبو سدر (الجبال الشمالية شرق) بتثنية الاقتراح المقدم وأجيز بالإجماع.
19 ديسمبر ذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان – يوم يجب أن تظل ذكراه للأبد.

التعليقات مغلقة.