عصا هنا وجزرة هناك

(1 )
قمنا بالأمس بمسح عاجل لنادي التطبيع العربي مع إسرائيل واعتبرناه نجاحا كبيرا للسياسة الإسرائيلية في المنطقة وقلنا إن إسرائيل سوف لن تقبل التعامل الجماعي مع الدول المطبِّعة – بكسر الباء- انما سوف تتعامل معها فرادى وهذا قد بدأ هذا في الطريقة التي دخل بها كل بلد في نادي التطبيع وهذا يعني بالضرورة أن ثمرة التطبيع مُرة –بضم الميم- كانت ام حلوة سوف تختلف من بلد الى آخر فدعونا اليوم نتوقف عند آخر الداخلين في النادي وهما السودان والمملكة المغربية فكلا الدولتين يتفقان في تطبيعهما مع إسرائيل كان بدفع قوي من الولايات المتحدة فكما هو معلوم أنه في كل حالات التطبيع التي تمت مع إسرائيل فأن الولايات المتحدة تدفع الفاتورة وإسرائيل تستلم البضاعة فالولايات المتحدة كدولة ليس لديها أي مصلحة ذاتية في العملية بل الجهاز الحاكم هو المستفيد من الصفقة وهذا يرجع لقوة اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة والقصة المعروفة للجميع.
(2 )
الولايات المتحدة كانت قد وضعت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب في 1993 ومارست عليه أشد أنواع العقوبات لدرجة أن عقوباتها أصبحت عالمية على السودان فعانى ما عانى منها ولكي يخرج السودان من تلك القائمة التي كبلته وكادت أن تؤدي بريحه قدم للولايات المتحدة كل ما طلبته منه وكان آخرها كمهر نهائي للخروج من اللائحة دفع 335 مليون دولار لأسر ضحايا الإرهاب في المدمرة كول وسفارتي الولايات المتحدة في دار السلام ونيروبي ثم اضافت التطبيع مع إسرائيل دون أي شروط واجبة السداد من إسرائيل والآن قطع التطبيع خطوات مقدرة واصبح امرا واقعا وان لم تكتمل كل مراحله بعد فالبلدان في انتظار قرار الكونغرس الذي يعطي السودان الحصانة السيادية وغالبا ما يتم هذا قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض في يناير القادم فالرجل يبدو انه اخذ يعمل على العودة للبيت الأبيض مرة ثانية بعد اربع سنوات اذ هتف له اليهود في احدى مغامرات مقاومته للخروج من البيت الأبيض (four more years ) أي أربع سنوات إضافية وهذا قد يشير الى انتهاء فترة غريمة جو بايدن.
(3 )
وفي مقابل العصا التي تلقاها السودان للدخول في نادي التطبيع فإن المملكة المغربية الشقيقة فقد تلقت جزرة كبيرة من قبل الولايات المتحدة وهو اعترافها بان تكون الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية والمعلوم أن المغرب تعتبر قضية الصحراء الغربية قضية مصيرية بالنسبة لها وقد بذلت كل غال ونفيس حربا وسلاما من اجل منع قيام دولة مستقلة في الصحراء والمعلوم كذلك أن دولا أخرى على رأسها الجزائر تعترف بقيام دولة مستقلة في الصحراء فان تقف الولايات المتحدة بكل ثقلها الحالي مع مطلب المغرب فهذا مكسب كبير للمغرب وسوف يرجح كفتها في كثير من المؤسسات الدولية . الفرق بين عصا السودان وجزرة المغرب يرجع لاختلاف موازين القوة في البلدين فالمغرب مستقرة سياسيا وفي حالة نمو اقتصادي متواصل ولها موقع جيوسياسي متميز علاوة على ذلك للمغرب سابق صلة بإسرائيل اذ كان هناك مكتب اتصال إسرائيلي عمل فيها عدة سنوات كما أن عدد اليهود المغاربة كبير جدا يكفي أن هناك سبعة من وزراء نتنياهو اصولهم مغربية لذلك سقطت تلك الجزرة في عبئها بكل سهولة اما السودان (اجيب ليكم من وين كروت ضغط حبايبي انا ؟)
السوداني
التعليقات مغلقة.