الامام الصادق المهدي..يتنبأ بمصير حميدتي

40

ويشبه نهايته بنهاية جيش المماليك في محرقة القلعة..

و ما أشبه الليلةَ بالبارحة ؟

دبلوماسي سابق: التقيت الامام الصادق في العام ٢٠١٣م.. وتنبأ لحميدتي بمصير يشبه مصير المماليك في مصر..
أثناء عملي بوزارة الخارجية في العام ٢٠١٣م كنت في مهمة رسمية الي القاهرة لمقابلة الامام الراحل الصادق المهدي بمقر اقامته في مدينة نصر، تم ترتيب المقابلة عقب مغادرة الامام من الخرطوم الي القاهرة بعد ان طالته اجراءات قانونية من جانب جهاز الامن الذي كانت قوات الدعم السريع تتبع لقيادته، وذلك بعد ان انتقد الامام الانتهاكات والممارسات التي قام بها الدعم السريع في ولاية شمال كردفان وحاضرتها َمدينة الابيض والتي كان يتولي منصب الوالي فيها مولانا احمد هرون، والذي من جانبه وقف موقفا عنيفا ضد ممارسات الدعم السريع انذاك، وهو الامر الذي جر عليه غضب المتمرد حميدتي والتعسف في اعتقاله ومحاكمته ضمن قيادات الانقاذ الآخرين.
نعود لموضوع المقابلة، حيث ذكرنا للامام الصادق ان قيادة الدولة تريد استطلاع رأيه في العودة الي الخرطوم، حال تم تجميد الاجراءات القانونية المفتوحة ضده، وان عودته للبلاد ضرورية في هذا الظرف السياسي الذي يتطلب مشاركة الهم الوطني مع الجميع، حيث كان ذلك عقب فترة اطلاق الرئيس السابق عمر البشير، مشروع الحوار الوطني واعلانه خطاب الوثبة الشهير.
جاء رد الامام الصادق على درجة التركيز الذهني والشمول والمتابعة لمجريات الاحداث، قائلا بانه لم يهرب من السودان خوفا علي نفسه، بل من باب حرصه علي امن البلد واستقرارها لان له اتباع ومريدين قد لا يقبلوا بمحاكمته وفق البلاغ المفتوح بواسطة جهاز الامن بسبب انتقاده الدعم السريع، الامر الذي سيسبب ازمة، آثر فيها الامام الغياب عن هذا المشهد المرتبك، وان البلاغ المفتوح يعتبر بلاغ كيدي لان ما قاله كان أقل مما قاله مولانا احمد هرون في انتقاده للدعم السريع، وانه على استعداد للعودة الي الوطن اذا كانت الحكومة جادة في ذلك، بان ترسل لمقابلته قيادات سياسية نافذة في الدولة، واضاف ان الحوار الوطني الذي يجريه الرئيس البشير انذاك لن يحقق اجماعا وطنيا، والأفضل الاهتداء بتجربة جنوبا افريقيا عقب زوال نظام التفرقة العنصرية، واتجاههم لعقد مؤتمر(الكوديسا) كانجح تجربة في العدالة الانتقالية يشهدها العالم وانه علي استعداد لقيادة مبادرة شبيهة لذلك عبر منبر الوسطية الذي يضم عدد من رؤساء الحكومات الاروبيين السابقين والسفراء، لاخراج البلاد من ازماتها انذاك.
بنهاية الافادات الرسمية المطلوبة من عقد اللقاء، تحدث الامام بلهجة أشبه بمن يلقي محاضرة امام طلابه ويحرص ان يستوعبوا محتوى المحاضرة بتركيز، حيث قال ان عليكم كشباب القراءة والاطلاع وقراءة التاريخ، وان تاريخ مصر يتناول تجربة الدولة الفاطمية التي حكمت مصر وكان عصرها مزدهرا وفتوحاتها ممتدة، فآثر الامراء الفاطميون الحكم واستنكفوا سلك الجندية، وتوسعوا في تجنيد المماليك وجعلوا منهم قادة عسكريين وامراء، لكون المماليك ليس لهم طموحات سياسية في الحكم، حسب تقديرهم، ولكن حدث عكس ما توقعه الفاطميون، حيث انقض المماليك علي الحكم واسقطوا الفاطميين بعد حكم دام حوالي ١٣ سنة فقط للفاطميين، وليستمر بعدها حكم المماليك لاكثر من مائة عام، الي ان استدرج طومان باي قادة وامراء دولة المماليك الي مذبحة القلعة الشهيرة واحرقهم وقضى عليهم، ختم الامام هذه اللمحة التاريخية بان الدعم السريع هم مماليك هذا الزمان، كان هذا التنبؤ للامام الراحل الصادق المهدي قبل عشرة سنين، وكل الذين حضروا هذا اللقاء هم احياء بيننا الآن.
اذا حاولنا ربط مايجري من تمرد للدعم السريع والعمليات العسكرية في مواجهته والخسائر التي طالته وطالت قواته وقطع طرق الامداد وتشتيت الاستنفارات والمساندة القادمة للدعم السريع من بعض الولايات وحتي من خارج الحدود، وسط تكتم اعلامي يفرضه الجيش، على انتصاراته، وسط عمليات استدراج واستنزاف للدعم السريع. نجد ان الفريق البرهان يطبق استراتيجية طومان باي بحذافيرها، بان تتحول الخرطوم الي قلعة قايتباي، حيث تم حرق جيش المماليك بأكمله وتحول الي مرويات في كتب التاريخ السياسي والعسكري.

التعليقات مغلقة.