تسليح المواطنين .. كرت الفلول الأخير* 25 مايو، 2023 2 دقائق *بقلم : علي أحمد
بعد دخول الحرب شهرها الثاني، ونتيجة لعدم إحراز الجيش أي تقدم في ميدان المعارك، ظهرت دعوات – كانت خجولة في بادئ الأمر – لتسليح المواطنين، وكان مصدرها غرف الفلول الإعلامية، وتحت عناوين عدة. منها أن (إستنفار الجيش للشعب من أجل إسناده في المعركة ما عيب)، و(كل جيوش العالم تفعل ذلك)، أو (لا بد من تسليح المواطنين لحماية عائلاتهم). على الرغم من أن ذات الأصوات، ظلت تردد مقولة أن الجيش لا يحارب سوى بنسبة (25%) فقط من قوته، ودون أن تستشعر هذه الأصوات الحرج، أو التناقض، فأين ال 75% المتبقية وماذا تنتظرون بها؟ ولماذا تدعون لتسليح المواطنين اذا كانت لديكم 75٪ من القوات ؟؟!
كما سخر الفلول من الربط بين توزيع السلاح على المواطنين، واندلاع الحرب الأهلية. على الرغم من أن المنطق والعقل البسيطين، يقولان بارتباطهما العضوي. وكانوا قبلها قد استنفروا كوادر حزبهم (المؤتمر الوطني) المحلول، وعناصر من واجهاته (المليشياوية)، في بداية الحرب. من قبيل (الدفاع الشعبي)، و(الأمن الشعبي)، و(الشرطة الشعبية)، وكتائب الظل. لكن معظمهم هربوا من ميدان المعركة التي أشعلها شيوخهم (كهول الحركة الإسلامية)، ومنهم من غادر السودان، لينشط كداعية للحرب على وسائط التواصل!
يسعى الفلول لنشر السلاح بين المكونات المجتمعية المختلفة في السودان، لكي تأخذ الحرب أشكالا أخرى، أكثر بشاعة وتعقيداً. أن يتسع الفتق على الراتق، وشعارهم في ذلك:(إما أن نحكم السودان أو نحرقه). وهو أمر شبيه بما فعلوه في سنوات حكمهم الأولى، بعد أن قُتل عدد كبير من كوادر الحزب في الحرب الأهلية التي أضرموها في جنوب السودان، فلجأوا حينها للتجنيد القسري، لتوفير وقود للحرب من دماء شباب السودان، وبالإكراه.
أما الفريق (ياسر العطا) وفي آخر ظهور له، فقد ألمح من طرف خفي، إلى إقراره لفكرة تسليح المواطنين هذه – دون أن يجرؤ على التصريح بها – بقوله:(لن نوزع السلاح ولكن من يستطيع أن يتسلح فليتسلح)، ما اعتبره الفلول إذناً بتوزيع السلاح على المواطنين، صادر من قيادة الجيش. خاصة أن حزب (المؤتمر الوطني) المحلول، لا زال يحتفظ بسلاحه كما هو معلوم. الشئ الذي ينم عن عدم مسؤولية باعتبار أنه (لا ينبغي لضابط رفيع في مؤسسة الجيش، أن تكون له خائنة الأعين).
وحسبنا من هذه الحرب عبرة وعظة، ظهور الداعشي (محمد علي الجزولي)، في فيديو بثته صفحة قوات الدعم السريع على الفيسبوك أمس ، وهو يعترف بأنهم من أطلقوا الطلقة الأولى في هذه المعركة المدبرة، وذلك بالتنسيق مع (علي كرتي)، (أسامة عبدالله) و(كتائب الإسلاميين) بقيادة أنس عمر.
وشدد الجزولي في حديثه على ضرورة إيقاف الحرب، حتى لا تأكل اخضر السودان ويابسه، أو يحيق بالبلاد مصير دول دمرتها الحروب، كسوريا، وليبيا، والعراق. على الرغم من أنه – أي الجزولي – كان أول من دعا بدعوى الجاهلية هذه لتسليح المواطنين، وبدرجة عالية من الحماس.
والحقيقة ان الجيش في هذا الحرب أصبح أكبر منبع للسخرية والضحك ، أداءه العسكري في ميدان القتال مضحكة، وتصريحات قادته مضحكة ، حتى بياناته اليومية التي يصدرها تدعو للسخرية من فرط الغباء والأكاذيب المحتشدة ، وهو أمر يؤلمنا والله أشد الألم، فليس هنا أشد إيلامًا للمرء ان ينام وظهره مكشوف، وقد كشفت لنا هذه الحرب باننا ننام بلا غطاء ودون ظهر ، رغم اننا ندفع 70% من ميزانيتنا لهذا الجيش، وقد تبين لنا انها تذهب للكروش الممدودة والعقول الخاوية حتى من الخطط العسكرية !
وأصدق تعبير لعنوان هذا هذا المقال هو ما قاله أحدهم، حيث قال: ان الجيش السوداني هو الجيش الوحيد في هذا العالم الذي يمنع المدنيين من مشاركته في الحكم ويطلب منهم مشاركته القتال في حربه !
التعليقات مغلقة.